فل

فل

الخميس، 11 سبتمبر 2014

المتهم (جحا المصرى )

المتهم
.......................
فى ايام النكبه حدثت
وقف الرجل بعتبة داره ينتظر ان يذهب لصلاة الفجر
وكان البرد شديدا فحمل عصاه واتخذ من الحوائط متكئا
يسير مثقلا بما حمله من ملابس تقيه برد الشتاء
وبقدمه انتعل حذاء قديم فخطوات قدميه ثقلت من كثرة
ما حمله حذاءه من طين
حتى وصل لمسجده الذى يصلى فيه فوجد الامام واناس غرباء
لم يمهلوه ليدخل اقتادوه الى مالا يعلم واستقر مقامه فى غرفة يطل النور اليها من خلال فتحه ضاقت ببناءها وظل حبيسا اربع جدران وباب مغلق فقام وفرش عباءته وصلى فجرا وهو لايدرك الوقت فالسكون خيم عليه واسكتت ضيق المكان اصوات اتيه من الخارج وظل حبيسا لزمن لا يعلمه كل ما يصله باهل الدنيا دلو لحاجته واخر لطعامه ثالث لماء قد يغيب زمنا حتى ياتى وعندما ادرك ان مقامه طال والزمن لا يمر هينا انما يمر كسكون القبور ثقيلا الى درجه بكاءه طويلا فما ادرك اجابة لسؤاله ولا عرف الى متى
فامسك بما يعلم امسك بباب الله وهو يعلم ان سؤاله لا اجابة له الا عنده
فكلما ركن الى الصلاه سئل الله ان يفرج كربه
وبعد زمن طالت لحيته وتمكن منه الوهن فتح باب قبره
........................
وبعد زمن طالت لحيته وتمكن منه الوهن فتح باب قبره
باى شىء يرى بعينين تعودتا على الظلام ام بايد يتحسس القادم
ام بقلب انهكه السؤال ....لما واين ومتى
توهجت عيناه للضوء القادم ابشر ام ملائكة القبر احساب
لكنى حى اكل واشرب واقضى حاجتى افكر اسير على الارض احسب الطول
والعرض حتى انى بيدى حسبت كم ترتفع جدرانى رايت رجلان احدهما يدفع الاخر
الى الداخل والاخر يحمل رائحة العرق وجه ملامحه كالصخر اشداقه تهتز بدين وكانه ياكل بلا كلل كانه خلق ليملىء بطنه فلم تسعفنى كلماتى لاسئله لما واين ومتى
فقد اغلق على والضيف باب القبر وكان الباب متمرد على ان يغلق علينا فصرخ متمسكا
بصدئه والارض وبعنفوان شده هذا النهم فاغلقه عنوه فصمت الباب وسكن
ونظر الى القادم الى قبره يتفحصه يلقى عليه بنظره المتعب من الظلمه
وصال الصمت كل ينظر للاخر والصمت لغة الحائر
وكان الحديث فى النفس من هذا ولما واين ومتى
وقطع صولة الصمت
بقول القادم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولم يكن المشهد الخارجى اقل اظلاما عندما راى الامام ما حدث وبعد انتهاء الصلاه
ابلغ المصلون بما حدث امام المسجد ولم يكن ضوء الشمس يملى ء الدنيا الا وانتشر الخبر بين الناس فجاء لاهله يسئلون ماذا فعل ليقبض عليه والى اين اخذوه وكل يدلوا بدلوه من خلقه وانطوائه وكرمه لاخوته ولسانه الرطب بالذكر والشكر وسيرته التى بين الناس لا تشوبها شائبه لاهو متعلم ليفتى بالسياسه ولا هو ممن حافظى القران انما كان كاغلب الناس البسطاء لايملك من متاع الدنيا الا حمار وعربه يحمل امتعة الناس ويحمل من مثله الفقراء والمعوذين وباجره الزهيد وسعيه من قبيل طلوع الشمس الا بعد مغربها لاتكل قدماه عن السعى ثم يعود للبيته حيث ترك له والده اخويه اثر ان يتعلموا وام دؤب تنتعل طين الارض لتوفر حذاءا لاولادها تقتر على نفسها وتكرم نبت رحمها ولما وصلتهم اخبار اخيهم وضعت الام نظرها الى الارض والتف الصمت المكان كانهم يتجرعونه ويشاركونه الصمت الطويل وهنا قطع جدار الصمت رجلا بقوله
........
لابد ان نبحث عنه لنعرف ما الامر او نتوجه لاحد يدلنا على الطريق ولا يزال الصمت لغت اهله وتطوع ثلاث من اهل القريه لرحلة البحث بدؤها من الشرطه صغيرها وكبيرها وهم يحملون بطاقته التى تركها فى منزله فلم يعثروا على دليلا واحدا يهديهم ورجعوا للامام يعيدوا عليه السؤال لعل اختلط عليه الامر فوصف لهم المشهد كانه يراه ولم يترك تفصيله واحده الا وقصها كما حدثت واحتار الناس ف الامر وذاد الصمت باهله قد يكون اختطف من احد وطال زمن البحث وفترت الهمم وفوضوا امره لله وبكت الام بكاءا ان الحجر ليبكى دما من قولها وبكاءها ليلا وبدء اخويه اهتمامهم بدراستهم ولم يتركوها والتحقوا باعمال تعينهم على حياتهم وما ادراك باليتيم المجد ولا بالفقير ذو الهمه ايامه ثقيله كالجبال وصبره احلى من العسل ومن لم يدرك صبر ذى الحاجه قصر عقله لاتكل لهم همه ولا يدانيهم اهل المال والجاه يتخذونهم اصدقاءا احيانا ويسخرون من فقرهم احيانا كثيره كهذا حال اسرته اما هو
...........................................
فقد سرته رؤية الرجل اذ بدء بالسلام فرد عليه ولم يسئله انما قدم اليه بعض من فتات الخبر الجاف الذى يحتفظ به وبعض من ملح والماء ونظر القادم اليه وبه سؤال من ولما والى متى ومد يده فاخذ هديته وجلسا يفترشان الارض وكل منهم فى صمته وبداخله الف سؤال ولم يطل بهم الصمت اذ انتفض وقال صلاة الظهر تبسم القادم وقال لايزل نهار اليوم باوله اجلس فجلس وبدء الحديث عرف كل صاحبه من اى البلاد ولكن عندما سئل عن تهمته صرخ قائلا السجن اانا فى سجن وارتعد جسده وسقط مغشيا عليه
فنادى القادم يا شويشششششششششششششششششششش
فلم يجبه احد وكرر النداء حتى اتاه احدهم وقال له افقه بالماء وتركهم وانصرف فما من القادم الا ان افاقه وهدء من روعه وكلما حاول النطق هدئه باية من كتاب الله او حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر ا فى هذا الى ان قال حان صلاة الظهر فقدمه للامامه فلم يقبل وبدات الصلاة وما ان اتموها جلسا يسبحان الله ويحمدانه ويكبرانه واطمئن قلبه وهنا بدا يقص لصاحبه عن نفسه منذ ان وعى الدنيا حتى لقاءه

يقص لصاحبه عن نفسه منذ ان وعى الدنيا حتى لقاءه عله يحمل عنه بعضا من حمله
وكأن الاتى ليس كمثله او حاله افضل منه لكنه وجدت منه الصمت ظاهرا على وجهه وقسماته تدل عليه القادم يحمل فوق ما يتحمل لكنه يحمل دواءه ولا يبكى ما جاء به
وتقاسما الهم والصبر عليه وبدا لهما ان كل يحتاج صاحبه ونتركهما لنعود الى هناك حيث الصبر والهمه تؤتى ثمارها وحتى لا يجمع الله على عبده ظلمان بدء النور يسرى باخويه بدراستهم وتقدما حيث لم تثنهم كدوات الطريق ولا عثراته يمران عليها سريع لا يتقفون بل يفوقون يملؤن صدر الام بسمات ولكنهم لا ينسون ان لهم اخر اكبر غادر بفعل غادر من انسان لم يزجره ضمير ولا ينظر انه فى يوم منتظر سيئل عمن غدر به والقاه ليتخلص من عيبه وساء خلقه وضاقت به الارض فالقى بالبرىء مكان المتهم وكان المتهم فار منه وعليه احكام وجب نفاذها فلما لم يعثر عليه اثر ان ياخذ غيره ليلقيه ويغلق باب سجنه بيده لكن لعلمة ان امره قد ينكشف يوما ارسله معتقلا فيه من الابرياء اكثر من المتهم واغلق ملفه وتركه ليتولى احدا غيره مثله لا رحمة فى قلبه ولا رافه ولا يعلم للعدل باب ولا يهتم بندم او عتاب قتلاه اكثر من اخياءه كلاهما من طينة وجد الشر له فيها مقامه .....
علم انه من سجنه لن يخرج مهما صرخ فليس بيده دليل فامسك بالقادم حتى شرح له الحال وقال انه محال ان تخرج من يد سجانك فلا لك الا ان تقول لله سبحانك فطلب من القادم ان يعلمه ما يعلم فتعلم حفظ قران ربه حفظ الضعيف لمذل عباده باكيا سعيدا ولا يعلم جنود ربك الا هو فالقادم علمه مما اتاه الله علما وكان يتلقى العلم ويغترف والزمان يمر مرورا الكل فيه لا يعرف قدر الله وقدرته وتصريف الامور لعظمته فانبت فى بيته نابغان فى علومهم ونبغ هو فى ما حصله من علم صاحبه وفوض امره لمن هو اعلم
وتعثرت قصته لزوجة القادم فافاضت بها لاولادها ان رفيق الزنزانه اسمه الصحيح وسجن باسم اخر وكان ابنها الاكبر يدرس الطب وادرك ان استاذا له متشابا بالاسم فقال لاقصن عليه القصه فان كان اخيه ادركه مما هو فيه وما ان وصل الامر لاستاذه حتى انفرجت سرائره واسرع الخطى الى امه وقص عليها ما سمع وقال متى ياتى اخى
قالت بعد غد
وقال متى ياتى اخى
قالت بعد غد
ااتنتظره ام ستذهب لرؤيته والاطمئان ان كان هو ام غيره
قال الطبيب لن اطيق الانتظار حتى ياتى ساهاتفه واعرف ان كان يمكنه الحضور مبكرا غدا ونتوجه سويا وخاطب اخاه وكان الاخر طبيبا فترك ما بيده ورجع من فوره للمنزل وما ان وصل كان لابد من التشاور وسؤال اهل الراى وممن لهم باع بتلك الامور واستقر الراى على زيارة رجل كان استاذا للقانون ولما بلغ الكبر منه مبلغا اثر حياة الهدوء فسكن الريف وكان يؤم الناس فى الصلاه ولم يغلق بابا وكان كالنساك والعابدين ومن كرم اخلاقه كانوا ينادوه بالشيخ وان مر باحدهم يوما يقف له الناس فى الطرق لحسن جانبه ولا يدرون انه استاذا كبيرا فى القانون يشار له بالبنان فى كل محفل علم وادب سبق ادبه وحسن خلقه وتواضعه علمه وصل الطبيبان الى دار الرجل فاكرم ضيافتهما وكان لا يعرف قصة اخيهم الا منهم قام واحضر ورقا وقلم وسئلهم وكتب ثم طلب منهم اشياء لياتوا بها واخرى يبحثوا عنها وقال اتركوا الامر كله لله ثم نرى ما سياتى وتسابق الاخان فى جمع ما اراد الرجل ومن جانبه خرج الى مبتغاه واحضر ما تراءى له انه هام وجمع الفريقان ما طلب وهنا ادرك انه لابد له من مساعد له فقام باشراك من يقدر على ما يطلب وانهمر عليه طلبته ومريدوه كانهم يشاهدون استاذهم رجع ليكتب صفحة اخرى فى التاريخ وما ان تحرك الجمع الا واتت اليه ما يثلج صدره فقال الان
قدم بطلب زياره للاسم المدون به فى المعتقل ولما طلب الاذن لم يقبل فطلبه اخوه فلم يقبل فقد تحركت يد الظلم لتمنع كشف الحقيقه كل خاف من الرجل او نقول الاستاذ فهم يعرفونه جيدا ولما ادرك الاستاذ ان الامر مريب اذ به يطلب الاذن من من هم اعلى السلطات مع تقديم طلب بالحمايه والمحافظه على حياة هذا الانسان
قبل الطلب لان من بالاعلى لايدركون ما يصنعه مادونهم ووصل الاخوان والاستاذ فكانت له كالارض الجرز وانهمرت الدموع كالمطر فانبتت حياة كتب عليها ان تسجن فى غيابات السجون لزمن ظلما بينا وطلب الاستاذ من امر السجن ان يتسلم طلبا بحماية ومحافظة على حياته وشدد عليه فقال امر السجن فى نفسه من اخرج الجن واتصل بمن قبله ليعرف قصة السجين دله على ملفه فاحضره وتفحصه ولم يدرك ما يخبىء الاستاذ لهما وقدمت للمحاكمه قضيته على انه برىء والمتهم الحقيقى مات بعد دخول المتهم السجن بسنوات هنا نظر وكيل النيابه للاستاذ نظرة التلميذ وحدد لها موعدا وحان الموعد
وقف الاستاذ فى جبته السوداء ينظر الى القاضى ومستشاروه وعرفهم وعرفوه وقال بسم الله الذى حرم الظلم على نفسه وقال كل نفس بما كسب رهينه وقال لو كان مقدار حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين ثم اشار الى القضاه وقال لهم ان الحياه والانسان صنع الله خلقه بيديه واسكن الروح فيها وقال واسعوا فى مناكبها وكلوا من رزقه فلا احد ياكل من رزق احد ولا لاحد على الناس فضل وقد خلق الناس منعمين بنعمه متساويين لا افضليه لاحد على احد فكيف نرى الان ان بعض البشر يفضلون انفسهم على غيرهم وبعضهم كيف نرى البعض ياخذ رزق الاخرين ويهددهم بسلطانه وما هم بافضل من غيرهم كيف ترون ان يحبس ظلما بغير جرم اتاه اناس يلقون فى المعتفلات يموتون وتذهب حياتهم هباء من هو فى قضيتنا المتهم يا ساده
ان القمه اذا فسدت فسد ما دونها ...وان القمه اذ صلحت صلح ما دونها
العدل تاج فوق رؤسكم فاين اوردتموه الى متاع زائل وغرض دنيوى
يا ساده لستم الا عبيدا لشهوات دنياكم فما ادخرتم لاخرتكم
قتلتم الانفس بغير الحق خوفا على مغانم ترضونها قصير اجلها
الا انى ما خرجت لدنياكم الا عندما وجدت ان الشر فى الانفس غلب منابع الخير
وشهوات البطون والسحت والشح واكل الحرام والربا والمراقص والفجور قد استشرى حتى بلغت انفس الصابرين الحناجر
يا ساده اصلحوا القمه الفاسده او ازيلوها حتى تنصلح مادونها لست اقوى من هامان ولا فرعون ولا قوم عاد وثمود ولا قوم تبع انكم اهون على الله من جناح بعوضه ولو كانت دنياكم تساوى جناح بعوضه ماسقى الكافرين منها شربة ما وقد كفرتم بيوم يجعل الولدان شيبا اقراوا قوله..والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع .
ثم اقرؤ قوله
بسم الله الرحمن الرحيم ( والذاريات ذروا ( 1 ) فالحاملات وقرا ( 2 ) فالجاريات يسرا ( 3 ) فالمقسمات أمرا ( 4 ) إنما توعدون لصادق ( 5 ) وإن الدين لواقع ( 6 ) والسماء ذات الحبك ( 7 ) إنكم لفي قول مختلف ( 8 ) يؤفك عنه من أفك ( 9 ) قتل الخراصون ( 10 ) الذين هم في غمرة ساهون ( 11 ) يسألون أيان يوم الدين ( 12 ) يوم هم على النار يفتنون ( 13 ) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون
من المتهم سادتى القضاه المتهم القمه الفاسده
هنا ادرك القاضى ان الاستاذ لن يصمت وقد وصلته ورقه تشير الى الافراج عن المتهم بعد قضاءه المده المقرره
فقال الاستاذ ولكنكم لم تحاكموا المتهم الحقيقى فقال القاضى توفاه الله استاذنا
رفعت الجلسه  ولحماية حقوق المؤلف تم حجب وفاة المتهم الاصلى 

ليست هناك تعليقات: